فقار فاضل
السبت 27 أيلول 2025
"داعش" يحاول استعادة نشاطه في العراق (أ ف ب)
بغداد | تواصل القوات الأمنية العراقية عملياتها العسكرية في مناطق متفرّقة من البلاد، في مسعى لتطويق خطر تنظيم "داعش" الذي يستغل التحوّلات الإقليمية والثغرات الأمنية لإعادة التموضع. وبينما تتحدث السلطات عن نجاحات ميدانية واستخباراتية مهمة في هذا الإطار، تتصاعد، في المقابل، مخاوف من عودة التنظيم عبر مسار غير تقليدي، يتمثّل في انتقال آلاف العائلات من مخيم "الهول" السوري إلى الداخل العراقي.
وأطلقت القوات العراقية، مؤخراً، عملية عسكرية واسعة لتعقّب خلايا التنظيم في المناطق الحدودية بين محافظتي صلاح الدين وديالى، حيث تركّزت الجهود في مناطق حمرين وحوض العظيم، التي تصفها الأجهزة الأمنية بـ"الرخوة" لوعورتها الجغرافية وكثرة الأودية فيها. وبحسب مصادر أمنية تحدثت إلى "الأخبار"، فإن العمليات تجري وفق "خطط استخباراتية دقيقة"، وتستهدف القرى النائية التي يتّخذها عناصر التنظيم ملاذات آمنة.
وفي الأنبار، أعلنت "خلية الإعلام الأمني"، مقتل عنصرين من جهاز مكافحة الإرهاب وإصابة ضابط، في انفجار عبوة ناسفة أثناء تفتيش مخبأ لـ"داعش" في منطقة سحول راوه، وذلك بعد أيام من ضربة جوية استهدفت عدة مضافات للتنظيم. وعلى الرغم من تحرير المحافظة بالكامل منذ سنوات، ما تزال الخلايا النائمة تنشط في بعض القرى النائية، وسط وجود كميات كبيرة من المخلفات الحربية التي تهدّد حياة السكان المحليين. أما في العاصمة، فنفّذت قيادة عمليات بغداد سلسلة مداهمات وعمليات تفتيش، أسفرت عن إلقاء القبض على عدد من المطلوبين، بينهم متهمون وفق المادة 4/1 إرهاب، وضبطت أسلحة وأعتدة غير مرخّصة في أحياء متفرّقة.
التنظيم يستغل التحوّلات الإقليمية وعودة لاجئي مخيم "الهول" تمثّل تحدّياً إضافياً
ويقول مدير إعلام وزارة الدفاع، اللواء تحسين الخفاجي، لـ"الأخبار"، إن "العمليات الأمنية حقّقت نجاحات نوعية، وأثمرت ملاحقة خلايا داعش ومسك الحدود". ويضيف أن "الأجهزة الأمنية تستخدم تقنيات حديثة في رصد تحرّكات العدو، وجميع عملياتها حقّقت أهدافها". ويوضح نائب عمليات شمال شرق دجلة في "الحشد الشعبي"، أبو رضا النجار، بدوره، أن "العمليات الاستباقية في وادي الشاي وزغيتون جنوب كركوك، جاءت ضمن إطار منهجي يهدف إلى القضاء على التنظيمات التكفيرية". ويتابع أن "هذه العمليات امتداد للجهد الأمني في وادي حوران غرب الأنبار، وأسهمت في إضعاف بنية داعش ومنع إعادة تموضعه".
ويرى مراقبون أن العمليات الاستخباراتية الدقيقة والضربات الاستباقية شكّلت بالفعل "تحوّلاً نوعياً" في المشهد الأمني، لا سيما في كركوك ومحيطها، حيث انعكس الاستقرار النسبي على حياة المدنيين. لكن العراق لا يزال يواجه تحدّياً أكثر تعقيداً، يتمثّل في ملف العائلات المرتبطة بـ"داعش" داخل مخيم "الهول" في شمال شرق سوريا. وفي هذا الإطار، أكد وزير الداخلية العراقي، عبد الأمير الشمري، أن "جميع العائدين يخضعون لتدقيق أمني صارم وبرامج إعادة تأهيل نفسي قبل دمجهم في المجتمع"، موضحاً أن استقبالهم يجري في "معسكر الأمل" في محافظة نينوى. وبحسب الشمري، فقد تمت إعادة نحو 18 ألف شخص من المخيم، فيما لا يزال داخله نحو 5 آلاف، بينهم نساء وأطفال من عوائل التنظيم.
ويُقدر أن المخيم كان يضم عام 2019 أكثر من 40 ألف فرد من عائلات مقاتلي "داعش"، ما جعله "خزاناً بشرياً" قابلاً للتحوّل إلى بيئة خصبة للتجنيد. كما تشير تقديرات أممية إلى أن نحو 4500 مقاتل من التنظيم، بينهم أجانب، محتجزون في سجون تابعة للإدارة الكردية في المنطقة، ما يعزّز المخاوف من عمليات هروب أو إعادة تجنيد.